بعد 13 سنة.. أسرة عبدالحميد شتا «ضحية الخارجية»: ابننا اتقتل ما انتحرش





«سيد»: أحد مسئولى لجنة الاختبارات بـ«الخارجية» عين نجل شقيقه خريج الآداب بدلاً من «عبدالحميد» بعد وفاته.. وشقيقى ذهب قبل ساعات من وفاته لطباعة رسالة الماجستير

يظهر منزل أسرة عبدالحميد شتا بقرية «ميت الفرماوى» مغايرة للمشهد العام للمبانى هناك، حيث تتشكل البنايات من الطوب الحجرى والأحمر، مطلية بالألوان الزاهية، إلا ذلك البيت الصغير يبقى وحيداً فى نهاية شارع ضيق، ما زالت جدرانه على هيئتها الأولى من الطين اللبن، لا يزينه أى طلاء، يتشكل من طابقين أعلاهما غير مسقوف، وباب خشبى قديم يصدر أزيزاً مزعجاً حين تهم السيدة العجوز التى تسكن المنزل وحيدة بفتحه، وتظهر من خلفه «علية عريشة» والدة «عبدالحميد» بجلبابها الأسود، ووجهها الذى لم تترك فيه التجاعيد جزءاً دون علامة، بعدما بلغت من العمر أرذله.
«علية» السيدة العجوز الوحيدة، والدة الشاب الذى نُشر قبل 13 عاماً أنه انتحر ملقياً بنفسه من أعلى كوبرى قصر النيل فى 13 يوليو عام 2003 عبدالحميد شتا، بعدما رفضت وزارة التجارة الخارجية تعيينه بدعوى أنه «غير لائق اجتماعياً»، رغم اجتيازه جميع امتحانات التقدم بنجاح، حتى خرجت وزارة الخارجية قبل أيام ببيان تحاول فيه تبرئة ساحتها، على لسان مصدر دبلوماسى يقول: «الشاب لم يكن من بين المتقدمين لامتحانات وزارة الخارجية آنذاك»، وإنها غير مسئولة عن تلك الامتحانات التى تقيمها وزارة التجارة الخارجية لشغل مناصب دبلوماسية «ممثلاً تجارياً»، فيما دأبت قديماً لجنة امتحانات «التجارة الخارجية» على إلقاء المسئولية على الجهات الأمنية مؤكدة أنه رفض أمنياً.
«الوطن» التقت أسرة عبدالحميد فى قرية «ميت الفرماوى» التابعة لميت غمر بمحافظة الدقهلية، لكنهم بعد 13 عاماً خرجوا عن صمتهم بحديث مختلف عما نشر عبر تلك السنوات، عن مقتل نجلهم، رافضين الاعتراف بما تناقلته الصحف والإعلام عن قصة «انتحاره»: «ابنى اتقتل ما انتحرش» تقول الأم الثكلى رفضاً لكل ما قيل عن انتحاره، وأشارت إلى أن هناك من زج به من أعلى الكوبرى: «خانوه وقتلوه عشان ياخدوا مكانه».
عينا «علية» لم تجفا من الدموع كلما حضرت سيرته: «من حزنى عليه.. عبدالحميد ما كانش شوية»، الحزن على الابن ينهش قلبها، فالسيدة التى تعيش وحيدة بعد رحيل زوجها «على شتا» حزناً على نجله: «أبوه مات بعده، فضل كل يوم يروح التُرب لحد ما نظره راح وبعدها ما استحملش ومات»، وسافر نجلها الأصغر «رضا» لدراسة الطب فى ألمانيا تحقيقاً لحلم «عبدالحميد»، والابن الأكبر يعيش بعيداً عنها وسط الزراعات فى نهاية القرية.



صورة «عبدالحميد» بسمرة وجهه وبدلته الزرقاء تزين حائط الغرفة الضيقة، التى ظلت السيدة العجوز تمسح بأطراف جلبابها التراب من على مقاعدها القديمة فى محاولة بائسة لإخفاء ملامح الفقر الذى يحط على المنزل، تمحو الأتربة ولسانها لا يتوقف عن ذكر عبدالحميد: «طول عمره طالع من الأوائل ولا عمره جاب ملحق»، تجلس لتستريح برهة، وتعاود الدعاء: «منهم لله اللى خانوه كان نازل فرحان يتصور ويقولى فى التليفون أنا نجحت وخلاص هتعين فى الخارجية يا اما.. موتوه وقتلوا فرحتنا بيه».
ما زالت تتذكر «علية» لقاءهم الأخير، لملم حقيبته وودعها وقال لها: «فاضلى 3 أيام على آخر امتحان هروح أذاكرهم فى مصر ولما هخلص هاجى»، هنا تعاود البكاء وتقول: «مكدبش ولدى ورجع بس رجع شايلينه فى كفنه»، وتصف حال والده قبل وفاته: «كان أبوه زى الخوخة الزهرية.. وراح هو كمان فى رجليه راح بعد ما راح الغالى».
تصلى السيدة العجوز بجوار صورته وحين تنتهى: «بصلى هنا عشان أقوله أنا على عهدك، وبصلى ومش بفوت فرض يا عبدالحميد»، تشير إلى شهادات التقدير التى يضج بها حائط الغرفة وتحفظ ما بها عن ظهر قلب: «ديه كانت من كلية الاقتصاد وديه من الثانوية العام وديه بعد ما اتخرج».
تدخل «علية» الغرفة المجاورة، تفتح دولاباً خشبياً قديماً، يظهر بداخله وشاح برتقالى اللون ممهور بـ: «كلية الاقتصاد والعلوم السياسية.. يوم التفوق»، الكثير من المجلدات والكتب، وأبحاث كثيرة، ورغم ما مر عليها ولكنها تحتفظ برونقها: «كل شوية بخرجهم وبنضفهم عشان يفضلوا زى ما هما.. حاجة من ريحته».
تصعد «أم سيد» كما يناديها جيرانها الدرج الطينى، متكئة على الحائط الترابى، حتى تصل الطابق الثانى، الذى تظهر فيه العصافير التى حطت موضع الطيور التى كانت تربيها، تتجه نحو باب خشبى قديم تفتح قفله الصدئ، وتدخل الغرفة: «ديه غرفة عبدالحميد»، تمسك ببعض الأكياس الملقاة على الأرض وتفتحها وتخرج ما بها «تى شيرت برتقالى اللون باسم كلية الاقتصاد والعلوم السياسية»، وعلى الحائط معلقة بدلة قديمة وتقول: «اشتراها عشان يروح بيها أول يوم ليه فى الشغل قبل ما يقتلوه»، وفى نهاية الغرفة سرير خشب متهالك ومرآة صغيرة.
تخرج «علية» من الغرفة تستقر على قفص خشبى صغير بجوار باب غرفة الابن الراحل، وتقول إن إيمان نجلها القوى لا يدفع أبداً للانتحار: «مكنش يهون عليه نفسه يموت كافر.. لو كان بيشحت مش هيرمى نفسه فى البحر»، وتستطرد: «اللى كان بيصلى فرض ربنا عمره ما ينتحر»، تتذكر كلماته مع كل صلاة ينادى على أشقائه ويرفض أن يأكل قبل أن يصطحبهم إلى المسجد.
لم يكن عبدالحميد، حسب رواية والدته، يدخر جهداً فى أى عمل، فحين كان يأتى فى إجازة الصيف كان يعمل مع والده «أجرى» فى الحقل، فى تشكيل الطوب اللبن قبل نقله إلى الأفران: «ماكنتش نفسه عالية، كان بيشتغل أى شغلانة تجيب فلوس، يدخل بالبدلة يقوله أبوه تيجى تشيل معايا الطوب يا عبدالحميد؟ يقوله ماشى يابا يقلع ويروح».
تلتقط السيدة العجوز أنفاسها وتستكمل ذكرياتها مع «عبدالحميد»، ووقوفه بجانب شقيقه الأصغر رضا: «كان يشتغل بـ100 جنيه ويبعتهاله، يقوله اتعلم يا رضا عشان عايزين يبقى بينا دكتور»، ولم يخذله «رضا» فظل يتفوق فى كلية الطب حتى سافر لبعثة لدراسة الطب فى ألمانيا.
تحكى «أم سيد» قصته التى بدأت منذ حصوله على مجموع فى الثانوية العام لم يؤهله لدخول كلية الاقتصاد، ولكن لم يفقد الأمل فدخل كلية التربية بجامعة الزقازيق: «ما كانتش عاجباه ومرضاش يروحها» وأعاد الدراسة فى الثانوية حتى حصل على المجموع المناسب، فترك التربية واتجه إلى القاهرة ليدرس ويعيش هناك: «قالى ياما كلية الزقازيق عفشة أنا هسافر أدرس وأعيش فى مصر»، وكان يزور أهله كل يوم خميس ويعود للقاهرة الجمعة ليلاً: «ما كانش بياخد قرش من أبوه، كان يخلص الكلية ويطلع يشتغل فى القاهرة ويبعت كمان فلوس لأخوه اللى فى طب عشان يصرف عليه».
تقول «علية» إن عبدالحميد تخرج واستكمل عمله فى البحث العلمى بالكلية، وحين أعلنت وزارة التجارة الخارجية عن حاجتها‏ لموظفين فى التمثيل التجارى‏، سارع لتقديم أوراقه، ‏ وظل طيلة عام كامل يؤدى امتحانات، حتى تم اختياره ضمن ‏43‏ متقدماً فقط لشغل هذه الوظيفة المميزة: «وقبل ما يستلم وظيفته بيومين مات قتلوه اللى أشوف فيهم قدرة ربنا بحق جاه النبى».


اختفى الشاب 3 أيام حتى دق باب المنزل، فتحت السيدة الباب وجدت خفيراً يخبرها برسالة من عمدة القرية: «فيه جدع اسمه عبدالحميد لقوه ميت فى القناطر الخيرية»، ذهب الرجال وأحضروه فى كفنه.
على بعد كيلومتر واحد من منزل العائلة، وداخل بيت بسيط ذى 3 غرف من الطوب الأحمر، إحداها فقط هى من يغطى سقفها جريد النخل وعوارض خشبية، وبداخلها يعيش سيد الأخ الأكبر لعبدالحميد، ومدرس فى إحدى مدارس القرية، ليكشف لـ«الوطن» عن روايات ووقائع جديدة حول وفاة شقيقه عبدالحميد شتا، ودلائل وأدلة يعتبرها دامغة يطالب من خلالها بإعادة فتح التحقيق فى قضية مقتل شقيقه.
تغيرت ملامح حياة أسرته كاملة بعد وفاة عبدالحميد، فاقتصرت حياة سيد على علاقاته بتلامذته وعمله فقط، لا يتطرق إلى الحديث فى الأمور العامة ولا سياسة البلد، الخوف ظل يحاصرهم فى كل مكان، ويقول إن من قتلوا شقيقه حاولوا قتله هو أيضاً حينما حاول التحدث عن قتل شقيقه فى التليفزيون، ويؤكد أن عصر مبارك وما كان به من ظلم جعله يرفض الحديث عن مقتل شقيقه ولكن الآن كل مبتغاه إظهار الحقيقة كاملة.
كانت الصدمة تفوق الوصف، يقول «سيد»: «كنا أسرة عادية تعيش على التقوى والإسلام والورع، حياتنا اقتصرت على التعليم والمسجد والتفوق العلمى وحب الوطن، كنا مثاليين إلى حد كبير».
رغم فقر الأب ولكن استطاع تنشئة أبنائه الثلاثة على التفوق والنجاح، وكان ذلك فى صميم تفكيرهم وتكوينهم، حيث التفوق العلمى هدف للأسرة البسيطة، وتمكن أبناء تلك الأسرة من الحصول على المراكز الأولى فى معظم المراحل التعليمية، حسب رواية سيد، ويقول: «عبدالحميد كان من الأوائل وأنا كنت الأول على الثانوية العامة وعلى كلية الآداب، وأخونا الأصغر ضياء جراح عظام فى ألمانيا، وكان أبونا بيعلمنا نذاكر ونبقى كويسين علشان نخدم بلدنا»، كان عبدالحميد أكثرهم تفوقاً فكان دائماً يصرح برغبته فى أن يكون «حاجة كويسة»، وعقب تخرجه مباشرة من الكلية ظل ملتصقاً بها لعمل أبحاث ودراسات، وبعد فترة قصيره أخبر الأسرة أنه على وشك الالتحاق بالسلك الدبلوماسى بعدما دخل اختبار وزارة التجارة الخارجية المعلن عنه.
ويضيف «سيد»: «هو كان معرفنا إنه مقدم فى الخارجية، ووقتها كان معاه موبايل، وقالنا إن زملاءه بيهنوه من خلال رسايل على تليفونه، وقالنا النتيجة اتعرفت وأنا نجحت ورايح أستلم شغلى».
«اتوصوا ببعض أنا مش قادر أتكلم»، كانت تلك آخر كلمات عبدالحميد التى قالها خلال مهاتفته الأخيرة لزوجة أخيه الأكبر سيد، بصوت يملؤه الخوف والارتباك، قبل ساعات قليلة من وفاته، لهجة دفعت «سيد» لأن يؤكد أنه كان حينها مكبلاً أو مقيداً ويتعرض لتهديد من قاتليه، مشيراً إلى أنه قبل المكالمة بيوم واحد كان بين أسرته وأخبرهم بنجاحه فى اختبارات وزارة الخارجية بعد تلقيه رسائل تهنئة على هاتفه المحمول، نافياً ما رُوى من انتحاره كنتيجة لفشله فى اختبارات وزارة الخارجية، مؤكداً نجاحه فى الاختبارات وأنه تعرض للقتل ولم يتوف منتحراً، مستدلاً بأقوال جيرانه فى بين السرايات الذين أكدوا خروجه من شقته بملابس غير التى عثر عليها بعد الحادث، قائلاً: «جيرانه لما سألوا رضا وقالوا له كان لابس إيه لما طلعتوه من الميه، قالهم كان لابس كذا، قالوا لا ده كان لابس لبس تانى غير ده»، قائلاً إن شقيقه كان تقياً ومتديناً، وإنه لا يمكن أن يكون مصيره الانتحار، وإنه عقب الحادث بقرابة شهرين التقى أحد الرجال الصالحين فى القرية بوالدته وأخبرها بأنه شاهد «عبدالحميد» فى الرؤيا وهو مرتدٍ رداء إمام مسجد وذاهب ليخطب فى مسجد الرسول.
ويستدل «سيد» بتوجه شقيقه «عبدالحميد» فى نفس يوم الحادث إلى المطبعة التى تتولى طبع رسالته لتقديمها إلى الأساتذة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ليطالبها بالانتهاء من طبع الرسالة فى أقرب وقت، متابعاً: «عبدالحميد فى نفس يوم وفاته، راح المطبعة الساعة 3 العصر لواحد اسمه ضياء ولما ملقاش ضياء ده كتبله ورقة وسابهاله، قاله أرجو إنهاء طباعة الرسالة فى مدة لا تزيد على 24 ساعة، وكانت دى آخر كلمة كتبها»، مستنكراً أن يكتب هذه الرسالة شخص مكتئب ويجهز للانتحار فى نفس اليوم، وأنه لو كان مكتئباً لما تعجل طبع رسالته لتسليمها إلى الأساتذة، وأشار إلى أنه ليس من المنطق أن ينتحر شقيقه لمجرد رفضه فى وزارة الخارجية، وليس منطقياً أن ترفض وزارة الخارجية شقيقه بعد اجتيازه ونجاحه فى كل الاختبارات وحصوله على المراكز الأولى، لافتاً إلى أن شقيقه كان متديناً ومؤمناً بقضاء الله وقدره، وذلك بشهادة كل من يعرفه، وأنه كان شخصية قوية ويمكنه تعويض وظيفة فى الخارجية، قائلاً: «وظيفة إيه اللى ينتحر بسببها، تغور الوظيفة، هو بشخصيته يجيب وظيفة وينجح أكتر من المكان ده، ده كان بيتكلم فى الوقت المناسب ولما بيتكلم بيقول أفصح كلام»، متهماً مسئول لجنة الاختبارات فى وزارة الخارجية وقتها بالتورط فى حادث وفاة عبدالحميد، متابعاً: «لما رئيس لجنة الاختبارات يعين ابن أخوه مكان عبدالحميد والنتيجة تتغير ويتحط اسم ابن أخوه بدل أخويا وهو أصلا خريج آداب وسقط أصلاً فى التصفيات الأولى يبقى الحكاية فيها إنَّ»
يرفض «سيد» الرواية التى نشرتها جميع الصحف التى نقلت الحادث عن انتحاره لفشله فى امتحانات الخارجية بوزارة الخارجية، مستنكراً ما أشيع عن سبب رفضه أنه غير لائق اجتماعياً أو أمنياً، مشيراً إلى أنها «حيل تم نشرها للتشويش على حادث قتل أخيه»، متابعاً: «ولو كان أمنياً يقولوا لنا مين فى عيلتنا عمل مشكلة ولاّ عليه قضية، احنا من الدرجة الأولى أسرة ما حدش سمع عنها وأعمامى وأخوالى من الدرجة التانية مقاولين مش عليهم غبار، وأولاد أعمام أمى من الدرجة التالتة مفيش حد ليه سابقة»، متسائلاً من صاحب المصلحة من موت عبدالحميد؟
ويشير «سيد» إلى وضع اسم ابن شقيق أحد مسئولى لجنة الاختبارات مكان «عبدالحميد» يوم وفاته، بعد مسح اسم عبدالحميد بـ«الكوريكتر» بعدما خرج نفس الشخص من التصفيات الأولى للاختبارات، ويشير إلى ما يؤكد شكوكه تجاه ذلك الشخص وهو نقل ذلك المسئول إلى رومانيا بعد وفاة عبدالحميد وهو ما يعتبره دليلاً على وجود «كوسة» فى التعيينات التى تمت وقت «عبدالحميد».
ويروى «سيد» أن أسرته كانت مراقبة إبان الحادث مباشرة، وأن جميع من حول «عبدالحميد» كانوا ينفون حادث انتحاره إلا أنه حينما يقترح مناقشة الحادث رسمياً، يتراجع الجميع ويخشى من تبعاته ومن بطش الجهات السيادية، قائلاً: «أنا نفسى اتضربت بالموتوسيكل بتاعى 3 مرات، وكان بيتقالى نصاً ديه قرصة ودن علشان تعرف تسكت ومتحصلش أخوك».
كانت يتمنى وقتها «سيد» مواجهة أى مسئول ولكن: «ماكنتش فيه وسيلة بتقدر تقول بيها الحقيقة، لأن وقتها كان مبارك فى الحكم».
شقيق والدته «محمد مصطفى عريشة» الجالس إلى جواره هو الآخر لديه قناعة بأن «عبدالحميد» لم ينتحر، وهى قناعة لدى أهل القرية كلها، حسب روايته، يقول إن الجميع كان يعرفه عن قرب، كان يعرف أنه متمسك بالأمل، وليست الوظيفة المرموقة هى التى يقتل نفسه من أجلها: «عبدالحميد كان عارف دينه كويس ومكنش بيفوت فرض فى الجامع».
خال عبدالحميد «عريشة»، يتحسر على الشاب الذى كانوا يعتبرونه عمود العائلة، يشير إلى المنزل الذى تقبع فيه شقيقته وحدها، يحاول من آن إلى آخر تصبيرها، ويقول إنه رغم مرور الوقت والزمن، لكن أسرتهم لن تتخلى عن حلم الوقت الذى تظهر فيه الحقيقة: «إحنا آه فقرا بس تارنا مش بننساه.. وتارنا مع اللى قتل عبدالحميد هناخده هناخده».


تعليقات